فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ}
اعلم أن مثل هذه الآية قد مضى في قصة عاد، وقوله: {وَمِنْ خِزْىِ يَوْمِئِذٍ}
فيه مسائل:
المسألة الأولى:
الواو في قوله: {وَمِنْ خِزْىِ} واو العطف وفيه وجهان: الأول: أن يكون التقدير: نجينا صالحًا والذين آمنوا معه برحمة منا من العذاب النازل بقومه ومن الخزي الذي لزمهم وبقي العار فيه مأثورًا عنهم ومنسوبًا إليهم، لأن معنى الخزي العيب الذي تظهر فضيحته ويستحيا من مثله فحذف ما حذف اعتمادًا على دلالة ما بقي عليه.
الثاني: أن يكون التقدير: نجينا صالحًا برحمة منا ونجيناهم من خزي يومئذ.
المسألة الثانية:
قرأ الكسائي ونافع في رواية ورش وقالون وإحدى الروايات عن الأعشى: {يَوْمَئِذٍ} بفتح الميم، وفي المعارج: {عَذَابِ يَوْمِئِذٍ} [المعارج: 11] والباقون بكسرالميم فيهما فمن قرأ بالفتح فعلى أن يوم مضاف إلى إذ وأن إذ مبني، والمضاف إلى المبني يجوز جعله مبنيًا ألا ترى أن المضاف يكتسب من المضاف إليه التعريف والتنكير فكذا ههنا، وأما الكسر في إذ فالسبب أنه يضاف إلى الجملة من المبتدأ والخبر تقول: جئتك إذ الشمس طالعة، فلما قطع عن المضاف إليه نون ليدل التنوين على ذلك ثم كسرت الذال لسكونها وسكون التنوين، وأما القراءة بالكسر فعلى إضافة الخزي إلى اليوم ولم يلزم من إضافته إلى المبني أن يكون مبنيًا لأن هذه الإضافة غير لازمة.
المسألة الثالثة:
الخزي الذل العظيم حتى يبلغ حد الفضيحة ولذلك قال تعالى في المحاربين: {ذلك لَهُمْ خِزْىٌ في الدنيا} [المائدة: 33] وإنما سمى الله تعالى ذلك العذاب خزيًا لأنه فضيحة باقية يعتبر بها أمثالهم ثم قال: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ القوى العزيز} وإنما حسن ذلك، لأنه تعالى بين أنه أوصل ذلك العذاب إلى الكافر وصان أهل الإيمان عنه، وهذا التمييز لا يصح إلا من القادر الذي يقدر على قهر طبائع الأشياء فيجعل الشيء الواحد بالنسبة إلى إنسان بلاء وعذابًا وبالنسبة إلى إنسان آخر راحة وريحانًا ثم إنه تعالى بين ذلك الأمر فقال: {وَأَخَذَ الذين ظَلَمُواْ}.
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى:
إنما قال: {أَخَذَ} ولم يقل أخذت لأن الصيحة محمولة على الصياح، وأيضًا فصل بين الفعل والاسم المؤنث بفاصل، فكان الفاصل كالعوض من تاء التأنيث، وقد سبق لها نظائر.
المسألة الثانية:
ذكروا في الصيحة وجهين.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: المراد الصاعقة الثاني: الصيحة صيحة عظيمة هائلة سمعوها فماتوا أجمع منها فأصبحوا وهم موتى جاثمين في دورهم ومساكنهم، وجثومهم سقوطهم على وجوههم، يقال إنه تعالى أمر جبريل عليه السلام أن يصيح بهم تلك الصيحة التي ماتوا بها، ويجوز أن يكون الله تعالى خلقها، والصياح لا يكون إلا الصوت الحادث في حلق وفم وكذلك الصراخ، فإن كان من فعل الله تعالى فقد خلقه في حلق حيوان وإن كان فعل جبريل عليه السلام فقد حصل في فمه وحلقه، والدليل عليه أن صوت الرعد أعظم من كل صيحة ولا يسمى بذلك ولا بأنه صراخ.
فإن قيل: فما السبب في كون الصيحة موجبة للموت؟
قلنا: فيه وجوه: أحدها: أن الصيحة العظيمة إنما تحدث عند سبب قوي يوجب تموج الهواء وذلك التموج الشديد ربما يتعدى إلى صماخ الإنسان فيمزق غشاء الدماغ فيورث الموت.
والثاني: أنها شيء مهيب فتحدث الهيبة العظيمة عند حدوثها والأعراض النفسانية إذا قويت أوجبت الموت الثالث: أن الصيحة العظيمة إذا حدثت من السحاب فلابد وأن يصحبها برق شديد محرق، وذلك هو الصاعقة التي ذكرها ابن عباس رضي الله عنهما.
ثم قال تعالى: {فَأَصْبَحُواْ في دِيَارِهِمْ جاثمين} والجثوم هو السكون يقال للطير إذا باتت في أوكارها أنها جثمت، ثم إن العرب أطلقوا هذا اللفظ على ما لا يتحرك من الموت فوصف الله تعالى هؤلاء المهلكين بأنهم سكنوا عند الهلاك، حتى كأنهم ما كانوا أحياء وقوله: {كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا} أي كأنهم لم يوجدوا، والمغنى المقام الذي يقيم الحي به يقال: غني الرجل بمكان كذا إذا أقام به.
ثم قال تعالى: {أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لّثَمُودَ} قرأ حمزة وحفص عن عاصم: {أَلا إِنَّ ثَمُودَ} غير منون في كل القرآن، وقرأ الباقون: {ثمودًا} بالتنوين ولثمود كلاهما بالصرف، والصرف للذهاب إلى الحي، أو إلى الأب الأكبر ومنعه للتعريف والتأنيث بمعنى القبيلة. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {وأخذ الذين ظلموا الصيحةُ}
فيها ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن جبريل عليه السلام صاح بهم.
الثاني: أن الله تعالى أحدثها في حيوان صاح بهم.
الثالث: أن الله تعالى أحدثها من غير حيوان.
{فأصبحوا في ديارهم جاثمين} لأن الصيحة أخذتهم ليلًا فأصبحوا منها هلكى: {في ديارهم} فيه وجهان:
أحدهما: في منازلهم وبلادهم، من قولهم هذه ديار بكر وديار ربيعة.
الثاني: في دار الدنيا لأنها دار لجميع الخلق.
وفي: {جاثمين} وجهان:
أحدهما: مبيتين، لأن الصحية كانت بياتًا في الليل، قاله عبد الرحمن بن زيد. الثاني: هلكى بالجثوم.
وفي الجثوم تأويلان:
أحدهما: أنه السقوط على الوجه.
الثاني: أنه القعود على الرُّكب.
قوله عز وجل: {كأن لم يغنوا فيها} فيه وجهان:
أحدهما: كأن لم يعيشوا فيها.
الثاني: كأن لم ينعموا فيها.
{ألا إنَّ ثمود كفروا ربهم} فيه وجهان:
أحدهما: كذبوا وعيد ربهم. الثاني: كفروا بأمر ربهم.
{ألا بُعْدًا لثمود} فقضى عليهم بعذاب الاستئصال فهلكوا جيمعًا إلا رجلًا منهم وهو أبو رمحان كان في حرم الله تعالى فمنعه الحرم من عذاب الله تعالى. اهـ.

.قال ابن عطية:

{فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا} الأمر جائز أن يراد به المصدر من أمر، وجائز أن يراد به: واحد الأمور. وقوله: {برحمة منا} يحتمل أن يقصد أن التنجية إنما كانت بمجرد الرحمة، ويحتمل أن يكون وصف حال فقط: أخبر أنه رحمهم في حال التنجية. وقوله: {منا} الظاهر أنه متعلق ب: {رحمة} ويحتمل أن يتعلق بقوله: {نجينا}.
وقرأت فرقة: {ومن خزيٍ يومَئذ} بتنوين خزي وفتح الميم من: {يومئذ} وذلك يجوز فيه أن تكون فتحة الميم إعرابًا، ويجوز أن يكون بني الظرف لما أضيف إلى غير متمكن، فأنت مخير في الوجهين. والروايتان في قول الشاعر:
على حين عاتبت المشيب على الصبا ** وقلت ألمّا أصح والشيب وازع

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو {ومن خزيِ يومِئذ} بإضافة {خزي} وكسر الميم من: {يومئذ} وهذا توسع في إضافة المصدر إلى الظرف كما قال: {مكر الليل والنهار} [سبأ: 33] ونحو هذا، وقياس هذه القراءة أن يقال سير عليه {يومُئذ} برفع الميم، وهذه قراءتهم في قوله تعالى: {من عذاب يومئذ} [المعارج: 11]، و: {من فزع يومئذ} [النمل: 89]، وقرأ عاصم وحمزة كذلك إلا في قوله: {من فزع يومئذ} [النمل: 89] فإنهما نونا العين وفتحا الميم واختلفت عن نافع في كسر الميم وفتحها، وهو يضيف في الوجهين، وقرأ الكسائي: {من خزي يومَئذ} بترك التنوين وفتح الميم من: {يومئذ} وهذا جمع بين الإضافة وبناء الظرف.
وقرأ: {ومن فزع} [النمل: 89] كعاصم وحمزة وأما {إذ} فكان حقها: {إذ} ساكنة إلا أنها من حقها أن تليها الجمل فلما حذفت لها هاهنا الجملة عوضت بالتنوين، والإشارة بقوله: {يومئذ} إلى يوم التعذيب، وقوله تعالى: {وأخذ الذين ظلموا الصيحة} الآية، روي أن صالحًا عليه السلام قال لهم حين رغا الفصيل: ستصفر وجوهكم في اليوم الأول وتحمر في الثاني وتسود في الثالث، فلما كان كذلك تكفنوا في الأنطاع واستعدوا للهلاك وأخذتهم صيحة فيها من كل صوت مهول، صدعت قلوبهم وأصابت كل من كان منهم في شرق الأرض وغربها، إلا رجلًا كان في الحرم فمنعه الحرم من ذلك ثم هلك بعد ذلك: ففي مصنف أبي داود: قيل يا رسول الله من ذلك الرجل؟ قالوا أبو رغال.
قال القاضي أبو محمد: وفي هذا نظر، وخلافه في السير. وذكر الفعل المسند إلى الصيحة إذ هي بمعنى الصياح، وتأنيثها غير حقيقي. وقيل: جاز ذلك وهي مؤنثة لما فصل بين الفعل وبينها. كما قالوا: حضر القاضي اليوم امرأة؛ والأول أصوب، و{لصيحة} إنما تجيء مستعملة في ذكر العذاب لأنها فعلة تدل على مرة واحدة شاذة، والصياح يدل على مصدر متطاول، وشذ في كلامهم قولهم: لقيته لقاءة واحدة، والقياس لقية، و: {جاثمين} أي باركين قد صعق بهم، وهو تشبيه بجثوم الطير، وبذلك يشبه جثوم الأثافي وجثوم الرماد.
و: {يغنوا} مضارع من غني في المكان إذا أقام فيه في خفض عيش وهي المغاني: وقرأ حمزة وحده: {ألا ان ثمود} وكذلك في الفرقان والعنكبوت والنجم، وصرفها الكسائي كلها. وقوله: {ألا بعدًا لثمود} واختلف عن عاصم: فروى عنه حفص ترك الإجراء كحمزة، وروى عنه أبو بكر إجراء الأربعة وتركه في قوله: {الا بعدًا لثمود} وقرأ الباقون: {ألا إن ثمودًا} فصرفت {ألا بعد لثمود} غير مصروف؛ والقراءتان فصيحتان؛ وكذلك صرفوا في الفرقان والعنكبوت والنجم. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا} أي عذابنا.
{نَجَّيْنَا صَالِحًا والذين آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا} تقدّم.
{وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} أي ونجيناهم من خزي يومئذ؛ أي من فضيحته وذلّته.
وقيل: الواو زائدة؛ أي نجيناهم من خزي يومئذ.
ولا يجوز زيادتها عند سيبويه وأهل البصرة، وعند الكوفيين يجوز زيادتها مع {لما} و{حتى} لا غير.
وقرأ نافع والكسائي: {يَوْمَئِذٍ} بالنصب.
الباقون بالكسر على إضافة {يوم} إلى {إذ}.
وقال أبو حاتم: حدّثنا أبو زيد عن أبي عمرو أنه قرأ: {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمَئِذٍ} أدغم الياء في الياء، وأضاف، وكسر الميم في {يومئذ}.
قال النحاس: الذي يرويه النحويون مثل سيبويه ومن قاربه عن أبي عمرو في مثل هذا الإخفاء؛ فأما الإدغام فلا يجوز، لأنه يلتقي ساكنان، ولا يجوز كسر الزاي.
قوله تعالى: {وَأَخَذَ الذين ظَلَمُواْ الصيحة} أي في اليوم الرابع صِيح بهم فماتوا؛ وذَكَّر لأن الصّيحة والصِّياح واحد.
قيل: صيحة جبريل.
وقيل: صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة، وصوت كل شيء في الأرض، فتقطعت قلوبهم وماتوا.
وقال هنا: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} وقال في الأعراف: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} [الأعراف: 18] وقد تقدّم بيانه هناك.
وفي التفسير: أنهم لما أيقنوا بالعذاب قال بعضهم لبعض ما مقامكم أن يأتيكم الأمر بغتة؟ا قالوا: فما نصنع؟ فأخذوا سيوفهم ورماحهم وعُدَدهم، وكانوا فيما يقال اثني عشر ألف قبيلة، في كل قبيلة اثنا عشر ألف مقاتل، فوقفوا على الطرق والفِجاج، زعموا يلاقون العذاب؛ فأوحى الله تعالى إلى الملَك الموكل بالشمس أن يعذبهم بحرّها، فأدناها من رؤوسهم فاشتوت أيديهم، وتدلت ألسنتهم على صدورهم من العطش، ومات كل ما كان معهم من البهائم.
وجعل الماء يتفوّر من تلك العيون من غليانه حتى يبلغ السماء، لا يسقط على شيء إلا أهلكه من شدّة حره، فما زالوا كذلك، وأوحى الله إلى ملَك الموت ألا يقبض أرواحهم تعذيبًا لهم إلى أن غربت الشمس؛ فصيح بهم فأهلكوا.
{فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} أي ساقطين على وجوههم، قد لصقوا بالتراب كالطير إذا جَثَمت.
{أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِّثَمُودَ} تقدّم معناه. اهـ.

.قال الخازن:

قوله سبحانه وتعالى: {فلما جاء أمرنا} يعني العذاب: {نجينا صالحًا والذين آمنوا معه برحمة منا} أي بنعمة منا بأن هديناهم إلى الإيمان فآمنوا: {ومن خزي يومئذ} يعني ونجيناهم من عذاب يومئذ سمي خزيًا لأن فيه خزي الكافرين: {إن ربك} الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم يعني إن ربك يا محمد: {هو القوي} يعني هو القادر على إنجاء المؤمنين وإهلاك الكافرين: {العزيز} يعني القاهر الذي لا يغلبه شيء ثم أخبر عن عذاب قوم صالح فقال سبحانه وتعالى: {وأخذ الذين ظلموا} يعني أنفسهم بالكفر: {الصيحة} وذلك أن جبريل عليه السلام صاح بهم صيحة واحدة فهلكوا جميعًا وقيل أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شيء في الأرض فتقطعت قلوبهم في صدورهم فماتوا جميعًا: {فأصبحوا في ديارهم جاثمين} يعني صرعى هلكى.
{كأن لم يغنوا فيها} يعني كأن لم يقيموا في تلك الديار ولم يسكنوها مدة من الدهر يقال غنيت بالمكان إذا أتيته أقمت به: {ألا إن ثمودًا كفروا ربهم ألا بعدًا لثمود} وهذه القصص قد تقدمت مستوفاة في تفسير سورة الأعراف. اهـ.

.قال أبو حيان:

{فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا}
الصيحة: فعلة للمرة الواحدة من الصياح، يقال: صاح يصبح إذا صوت بقوة.
{فلما جاء أمرنا نجينا صالحًا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدًا لثمود}: والكلام في جاء أمرنا كالكلام السابق في قصة قوم هود.
قيل: الواو زائدة في ومن أي من خزي يومئذ فيتعلق من بنجينا، وهذا لا يجوز عند البصريين، لأن الواو لا تزاد عندهم بل تتعلق من بمحذوف أي: ونجيناهم من خزي، أي وكانت التنجية من خزي يومئذ.
وقرأ طلحة وأبان بن تغلب: ومن خزي بالتنوين، ونصب يومئذ على الظرف معمولًا لخزي.
وقرأ الجمهور بالإضافة، وفتح الميم نافع والكسائي، وهي فتحة بناء لإضافته إلى إذ، وهو غير متمكن.
وقرأ باقي السبعة بكسر الميم وهي حركة إعراب، والتنوين في إذ تنوين عوض من الجملة المحذوفة المتقدمة الذكر أي: ومن فضيحة يوم إذ جاء الأمر وحل بهم.
وقال الزمخشري: ويجوز أن يريد بيومئذ يوم القيامة، كما فسر العذاب الغليظ بعذاب الآخرة انتهى.
وهذا ليس بجيد، لأن التنوين في إذ تنوين العوض ولم يتقدم إلا قوله، فلما جاء أمرنا ولم تتقدم جملة فيها ذكر يوم القيامة ولا ما يكون فيها، فيكون هذا التنوين عوضًا من الجملة التي تكون في يوم القيامة.
وناسب مجيء الأمر وصفه تعالى بالقوي العزيز، فإنهما من صفات الغلبة والقهر والانتقام، والجملة التي بعد هذا تقدم الكلام عليها في الأعراف ألا إن ثمود، منع حمزة وحفص صرفه، وصرفه الباقون، لثمود صرفه الكسائي، ومنعه باقي السبعة. اهـ.